تختلف مشكلة العنوسة من مجتمع لآخر، تبعاُ لظروفها الاقتصادية والاجتماعية، والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، وفي الآونة الأخيرة اتجهت بعض الدول إلي بعض الحلول كحل جزئي لمشكلة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج، ففي ماليزيا شجعت الشباب للاقدام علي الزواج واعداد حفل زواج جماعي، ومساعدة الفقراء في تأسيس منزل الزوجية، واقامة دورات ومحاضرات تثقيفية لتوعية الشباب المقدم علي الزواج لتفادي المشاكل الزواجية، وقد أثرت تلك الدورات التثقيفية بالفعل في تقليل نسبة الطلاق بماليزيا، كما اتجهت بعض الدول الإسلامية إلي انشاء صناديق الزواج لتقديم القروض للشباب المقبل علي الزواج.
مشكلة العنوسة في مجتمعنا وعزوف الشباب عن الزواج
لقد تفشت تلك المشكلة في معظم مجتمعاتنا الإسلامية وأن اختلفت تلك المشكلة من مجتمع لآخر، فمثلا الفتاة التي تعيش في المدينة لا تفكر بالزواج قبل أن تنهي دراستها الجامعية، وعلي العكس من ذلك نجد الفتاة الريفية تتزوج في سن مبكر،وينظر إلي الفتاة التي تعدت سن الخامسة والعشرين بإنها عانس، فالعنوسة وصف اجتماعي يعتمد علي معايير ثقافية خاصة بالمجتمع، كما يختلف سن العنوسة من مجتمع إلي آخر، حيث لايمكن تحديد سن معين للعنوسة.
أسباب العنوسة:
تتعدد أسباب العنوسة، منها أسباب تدفع الفتاة لرفض الزواج، وأهمها:
1- الظروف الإقتصادية:
اهمها البطالة، وعجز تكوين الشباب لنفسهم بسبب عدم استقرارهم في وظيفة معينة وهي مشكلة يعاني منها الكثير من الشباب، مع انخفاض المستوي المعيشي مع ارتفاع الاسعار، مع ازمة المساكن وارتفاع اجور العقارات، وهي اسباب خارجة عن ارادة الشباب.
2- المغالاة في المهور:
مغالاة في المهر وطلبات أهل الفتاة المبالغ فيها لتجهيز منزل الزوجية، سبب كبير لعزوف الشباب عن الزواج، خاصة اذا كان راتب الشاب ضعيف.
3- زيادة نسبة مواليد الاناث عن الذكور:
في البلاد التي خاضت الحروب لفترة طويلة وفقدت الكثير من شبابها، تظهر مشكلة العنوسة بوضوح، مع زيادة نسبة الاناث عن الذكور، مع إرتفاع معدل تعليم الفتيات وتأجيل زواج الفتاة لبعد الإنتهاء من دراستها أدي إلي زيادة مشكلة العنوسة.
4- بالنسبة للفتيات:
بعض الفتيات يأجلن فكرة الزواج بحجة اتمام دراستهم الجامعية، مما يمضي قطار الزواج سريعاُ، ويمضي بهن العمر سريعاُ، والبعض منهن ينساق وراء التحرر ويرفضن الزواج بحثاُ عما يسمونه الحرية الزائفة، بالاضافة إلي سوء سمعة احدهن يؤثر علي سمعتهن، ووضع شروط عند الزواج تعرقل زواجهن مثل الاحتفاظ بالوظيفة أو ان تكون شقة الزوجية بالقرب من اهلها، اورفض الشاب الذي سبق له الزواج، كثرة المشاكل الاسرية بين الابوين يدفع الفتاة لرفض الزواج خوفاُ من تكرار التجربة.
كما ترفض الكثير من الفتيات الزواج من شاب لديه سكن بالقرب من أهله خوفاً من المشاكل التي تنتج من الإحتكاك المباشر بأهل الزوج وأقاربه، وتخشي الفتاة أيضاً من الزواج برجل يجبرها علي مساعدته في مصاريف المنزل بعد الزواج، وخاصة إنها غير مجبرة.
5- دور وسائل الاعلام:
يتركز دوروسائل الاعلام في نشر افكار تحررية من خلال المناداة بالمساواة بين الرجل والمراة، ورفض التعدد، ومحاربة الزواج المبكر لعرقلة دراسة الفتاة، نشر ثقافة الصداقة بين الجنسين، وعرض الافلام الخليغة التي لا تناسب دينا الحنيف.
بالاضافة إلي عوامل آخري مثل اصرار الفتاة او الشاب علي الزواج من فتاة معينة ولسبب ما ادي لفشل تلك الزيجة، لا يفكربعدها الشاب بالزواج مرة آخري، ويفكر بعض الشباب في استقلاليته وعدم ارتباطه بمسئوليات الزواج مما يعزفن الخوض في تجربة الزواج، أويفكر بعض الشباب الزواج بفتاة بشروط جمالية واجتماعية ومادية معينة، ليجد نفسه في نهاية الأمر قد فاته القطار.
6- هجرة الشباب من الأوضاع الإقتصادية:
تكمن هجرة الشباب لخارج الوطن بسبب الأوضاع الإقتصادية والبطالة المنتشرة بين الشباب في الوطن العربي مع تدني المستوي المعيشي والدخل بمقارنة مع متطلبات الحياة، ويقرر الشباب للعمل بوظيفة لا تلائم مع شهادته ولا تؤمن له حياة كريمة، وهناك بعض الشباب الذين يعتمدون علي آبائهم في مسألة الكسب المادي إلي أن تتاح للشاب فرصة الهجرة لإيجاد فرصة عمل جيدة، والزواج بأجنبية بسبب قلة مصاريف الزواج أو لأخذ جنسية البلد التي يعمل فيها.
الآثار النفسية التي تصيب الفتاة لتأخر زواجها:
إن الفتاة التي تعاني من العنوسة تتعرض إلي الكثير من الضغوط النفسية نتيجة نظرة المجتمع إليها لتأخر زواجها، علي الرغم من أن مشكلتها لا دخل بها، فما ذنبها في نصيبها من الزواج؟
- الهروب من المجتمع:
تلجأ الفتاة المتأخرة في الزواج إلي الهروب من المجتمع ونظرته لها بالإنعزال والوحدة بعيداً عن أقاويل الناس وسؤالهم عن سبب عدم زواجها، فتبتعد عن مخالطة الناس وتتهرب من حضورالمناسبات و الأفراح لعدم إستطاعتها مواجهة الناس وشعورها بالخجل والخوف.
- الشعور بالغيرة:
تشعر الفتاة المتأخرة في الزواج بعدة مشاعر سلبية منها الشعور بالنقص والغيرة من صديقاتها أو قريبتها المتزوجات، ويظهر ذلك في سلوكها العدواني والعصبي مع الجميع.
- تدبير المكائد:
لشعور الفتاة العانس بالغيرة والحقد من المتزوجات فقد تندفع البعض منهن لتدبير المكائد لهن لافساد حياتهن الزوجية المستقرة، والمقالب بين الزوجين.
ولمشكلة العنوسة بين الشباب نتائج غير مرغوب بها مثل:
- إنتشار الزواج السري بين الشباب خاصة شباب الجامعات.
- إدمان المخدرات بين الشباب.
- الزواج العرفي.
- زواج الفتيات الصغيرات في السن برجال مسنين.
- إنتشار ظاهرة التحرش وجرائم الإغتصاب في المجتمع.
يمكنك قراءة ايضا:
كيف يمكن القضاء علي مشكلة العنوسة:
1- تسهيل المهور:
يجب علي الاهل وضع في الاعتبار بان الشباب ظروفهم الاقتصادية مختلفة عن ظروف الآباء، وتسهيل أمورالزواج وتقليل طلبات تجهيز منزل الزوجية.
2- الدراسة ليست عائق للزواج:
ليس هناك أي جرم في ان تتزوج الفتاة وهي في فترة الدراسة الجامعية، فالزواج ليس عائق للدراسة.
3- دور اهل الدين في تسهيل الزواج:
ودور أهل الدين كبير في ان تنصح الاهل بتسهيل امور الزواج ونصحهم مع الاستعانة بالنصوص الدينية، لتشجيع الشباب علي الزواج الذي يعفهم.
4- دور وسائل الاعلام:
دور وسائل الاعلام ليس هين، لان وسائل الاعلام المختلفة تدخل كل البيوت وتستطيع نشر ثقافة تسهيل زواج الابناء، واستضافة المختصين للتحدث عن هذه الظاهرة وكيفية حل تلك المشكلة، وتشجيع بعض الشركات الكبيرة بالاسهام في حل تلك الظاهرة بتوفير بعض السلع الاستهلاكية لتجهيز بيوت الشباب الفقير كاموال زكاة.
5- الزواج بالمطلق أو الارمل:
المطلق أو الارمل أو الذي سبق له الزواج وفشل لسبب ما، فهذه الأمور لاتعيب صاحبها ابداُ.
6- هناك بعض الحلول المجتمعية مثل:
- توفير فرص العمل.
- التقليل من مظاهر احتفالات الزواج، وتقديم الأولويات.
- حل أزمة السكن.
- نشر الوعي الديني.
- زيادة الجمعيات الخيرية التي تساهم في زواج الفتيات.