تعاني معظم الدول في العالم من مشكلة عمالة الاطفال، واجبارهم علي العمل في ظروف غير مناسبة لاعمارهم وترك الدراسة، وقد افادت منظمة العمل الدولية ان بسبب تفشي فيروس كورونا وتفاقم الازمات الاقتصادية في العالم، دفعت الأسرة بأطفالها للعمل لتخفيف العبء الاقتصادي الذي يثقل كاهل الاسر الفقيرة والمعدمة، وتعد تلك المشكلة الصعبة ظاهرة عالمية وتضر بالنمو الجسمي والعقلي للطفل.
مخاطر عمالة الاطفال المبكرة علي المجتمع والطفل
تعد مشكلة عمالة الأطفال عملية معقدة وترجع أسبابها إلي عدة أسباب متنوعة، أهمها تجذر الفقر وعدم الإمكانية للتعليم، بالإضافة إلي عدم الإستقرار في الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والسياسية للمجتمع مما تجبر الأطفال علي العمل بسبب تلك الظروف أو إجبارهم بالإكراه، مما يسبب للأطفال أضرار نفسية وصحية وجسدية وعاطفية هذا بالإضافة إلي حرمانهم من طفولتهم وتعرضهم للخطر.
أسباب عمالة الاطفال:
وتتعدد اسباب عمالة الاطفال ونذكر أهمها:
السبب الاقتصادي:
تعاني كثير من الدول من الازمات الاقتصادية والتي تفاقمت في الفترة الاخيرة منذ بدأ فيروس كورونا في الانتشار في كافة بلدان العالم، كما تعاني بعض الدول ايضا من آثار الحروب الطاحنة التي دمرت شعوب وبلدان، مما أثر علي غالبية الأسر واصبحت تعاني من الصعوبات المالية والفقر، الامر الذي دفعها لعمالة اطفالها لمساعدة ذويهم، ويبدأ الطفل في خوض لتجربة صعبة يشعر من خلالها بعدم الامان للمجتمع من حوله.
الجهل وتدني مستوي التعليم:
ينتشر الجهل بالبلاد لاسباب كثيرة منها قلة المدارس الالزامية، المستوي التعليمي للاسرة وعدم اهتمامهم بتعليم اطفالهم نتيجة لاسباب اجتماعية او اقتصادية، مثل عدم استطاعة الابوين تحمل تكاليف التعليم والمدارس لاطفالها حتي ولو كانت الدراسة مجانية، وتشجيع اطفالهم للعمل لتنمية مهاراتهم وصقل شخصيتهم.
وانتشار فكرة عدم اهمية التعليم للفتيات، واجبار الفتيات علي ترك التعليم والعمل في البيوت كخادمات، لمساعدة الاسرة الفقيرة وزيادة دخلها.
يمكنك قراءة ايضا:
عدم توفر فرص عمل للآباء:
حيث تؤدي البطالة الي الدفع بالابناء للعمل بدلا من الاباء لتوفير مصدر دخل للأسرة، والعمل في ظروف عمل غير صحية وبيئة صعبة.
عمل الاطفال الايتام:
فقدان الاطفال للاسرة والوالدين الذين يوفران حاجات اطفالهم الاساسية، تدفع الاطفال الايتام للعمل، لتوفير لانفسهم تلك الاحتياجات، بدلا من الذهاب للمدارس لتلقي الدروس والتعليم، كما تظهر هذه الظاهرة في الدول الأوربية أيضاً حيث يعمل الأطفال كموزعين للجرائد وكجليس للأطفال من أجل أن يوفر المال لينفقه علي احتياجاته الضروروية.
الهجرة إلي المدينة:
من اهم اسباب عمالة الاطفال هي الهجرة من الريف الي المدينة، بسبب جذب المدينة لاهل الريف والعمل فيها، حيث تؤدي زيادة الهجرة الي المدينة وعدم وجود مأوي او توفير الحاجات الاساسية للاسرة، الي عمالة الاطفال في المنازل والمحلات والشوارع، والتي قد تجبر الطفل الي العمل باعمال خارجة عن القانون مثل السرقة، وقد يتعرض الطفل لاضرار جسمانية خطيرة كالاعاقة الدائمة التي لا علاج لها، خاصة عند العمل في مجال الصناعة والحرف الصناعية الخطيرة.
لعمالة الأطفال مزايا لدي أصحاب العمل:
من ضمن أسباب عمالة الأطفال أن أرباب العمل يرون ان الأطفال عمالة رخيصة، وأقل مطالبة لحقوقهم عن الكبار، وأكثر طاعة لرب العمل ومن السهل طردهم من العمل.
ولعمالة الأطفال أشكال متعددة منها:
1- الخدمة بالمنازل:
وهي الفئة التي تستغل أسوأ إستغلال من قبل الآخرين، كما تتعرض الأغلبية منهم إلي وسائل الضرب والتعذيب والحرمان أيضاً، وقد يعملون لساعات طويلة طوال اليوم دون حصولهم علي الأجر، ويتم في بعض البلدان توظيف الأطفال في الأعمال المنزلية بدلاً من الكبار لأسباب متعددة منها إعتقاد بعض الناس أن براءة الأطفال سوف تجعلهم يعملون بما كلفهم أسيادهم دون مشاكل، بالإضافة إلي ضعف أجر العامل الطفل عن العامل الكبير، ومن الممكن أن يبقي الطفل بالعمل طوال اليوم بمقارنته بالعامل الكبير، ويعد هذا النموذج من العمالة منتشر في المدن باستخدام أطفال الريف المجاور.
2- أطفال الشوارع:
وهي أكثر أشكال عمالة الأطفال إنتشاراً، كما تتنوع عمالة الأطفال بالشوارع منها بيع المواد الغذائية بوسائل المواصلات المختلفة، بيع المنتجات الصناعية مثل منتجات تنظيف السيارات، تلميع الأحذية، التسول، ويتعرض الكثير من الأطفال إلي مخاطر جمة منها حوادث السير، والتعرض لإستنشاق عوادم السيارات السامة، التعرض للتحرش والعنف والإعتداء الجنسي.
3- العمل ضمن ظروف خطيرة:
حيث يتعرض الأطفال أثناء العمل لمخاطر صحية ونفسية وجسدية خطيرة، وهي نفس المخاطر التي يتعرض لها البالغون، مثل إستشاق الغازات السامة أثناء العمل في ورش تصليح السيارات، وتتعرض صحتهم لمخاطر جسيمة يصعب عليها العلاج مثل الإعاقة المستديمة، كما تتأثر نفسية الطفل والتي بدورها تؤثر علي حياته مستقبلاً.
الاضرار الناتجة عن عمالة الاطفال:
حرمان الاطفال من طفولتهم:
يحرم الطفل من طفولته، ويقضي وقته كله في العمل بدلا من الذهاب الي المدرسة وانقطاعه عن التعليم، مما يسبب له الشعور بالاجهاد والتعب، كما يتعرض لسوء المعاملة كالعقاب الجسدي واللفظي مثل الاهانة والشتم بالفاظ بذيئة، والاعتداء الجسدي والجنسي، وتعرض الفتيات العاملات كخادمات بالمنازل إلي حالات الاغتصاب، والاجهاض، والتعرض لامراض جنسية خطيرة.
التعرض الي اضرار صحية خطيرة:
خاصة عند العمل في مجال الصناعات الخطيرة، وتعرضه لاستخدام بعض الآلآت الصناعية الحادة والخطيرة، حيث يؤثر علي نفسيته نتيجة الاجهاد والتعب، وخسارة ابسط حقوقه الانسانية.
انتشار ظاهرة اطفال الشوارع:
تؤدي ظاهرة عمالة الاطفال الي استغلال الاطفال من قبل عصابات السرقة، لمساعدتهم في جرائمهم مستغلين حاجة الاطفال للمال، مما يعرض حياة الاطفال للخطر.
الاضرار النفسية:
يتعرض الاطفال لمضايقات نفسية كثيرة مثل مضايقات من زملائهم بالعمل، الرفض من قبل الاقارب، عدم معاملتهم معاملة طيبة في مجال العمل، عزلهم عن المجتمع لانشغالهم الدائم بالعمل، عدم استطاعتهم بالتواصل الاجتماعي مع الاسرة.
الاستغلال الجنسي:
يقع معظم ضحايا الاستغلال الجنسي من الأطفال العاملين حيث يمكن استغلال خجلهم وخوفهم من الأبلاغ عن الإعتداء الجنسي عليهم، او خوفهم من فقدان لقمة العيش التي يعتمدون عليها.
زواج القاصرات:
تؤثر عمالة الأطفال أيضاً في ظاهرة زواج القاصرات، او بمعني آخر فقر الأسرة وحاجة الآباء للمال تدفعهم لصفقة زواج ابنتهم القاصرة نظير مبلغ من المال، كما تري الفتاة القاصرة أن الزواج فرصة كبيرة للهروب من مشقة العمل والضغوط الأسرية غير مدركة لنتائج الزواج المبكر لها.
ولعلاج ظاهرة عمالة الأطفال تدعو اليونيسف إلي:
- زيادة الإنفاق علي منظومة التعليم وجودته، ورجوع الأطفال الذين حرموا من التعليم للمدرسة.
- توفير فرص عمل لائقة للكبار حتي يمكن تفادي ظاهرة عمالة الأطفال.
- القضاء علي التميز بين الجنسين الذي يؤثر علي عمالة الأطفال.
- توفير حماية مجتمعية للأطفال.