مع المشكلة الإقتصادية التي تجتاح العالم في عصرنا هذا، والتطور التكنولوجي والزحام السكاني وغيرها من المشاكل الاجتماعية، أدي الي اشتغال الزوجة بجانب الزوج لتوفير المتطلبات الأسرية وتحسين المستوي الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، مما أدي الي انشغال الأبوين عن رعاية أطفالهم، ومراقبة سلوكهم لاعطائهم الارشادات والتوجيهات المتوافقة مع القيم الاسلامية والاجتماعية، وكثيرا مايواجه الآباء مشكلة الكذب لدي طفلهم، فلماذا يلجأ الطفل الي الكذب؟ ومااسبابه؟وماهو التصرف الملائم لتلك المشكلة، هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذه المقالة.
لماذا يكذب الطفل في سن مبكر؟ وما أنواعه وأسبابه
من الملاحظ أن الطفل يكذب بحكم ظروف المراحل العمرية التي يمر بها الطفل، فغالباً مايكذب الطفل لجذب الإنتباه إليه، كما يكذب المراهق لإستعراض مغامراته أمام أصدقائه ورفاقه في المدرسة والنادي، وفي الواقع أن مرحلة الطفولة هي أهم المراحل العمرية في تأسيس الشخصية، من خلال خبراته في الطفولة فإذا كانت خبراته سوية شب الطفل متزن نفسياً..والعكس صحيح، فلا بد من تقديم الرعاية والإهتمام بصحته النفسية وإشباع حاجاته من قبل الوالدين للطفل مع معاملته معاملة جيدة من خلال فهم دوافعه وإحساساته وإنفعالاته، مما يتطلب الوعي التربوي والنفسي للوالدين وهي عملية ليست سهلة.
لحل مشكلة الكذب عند الطفل لابد من فهم شخصية الطفل من الناحية الجسمية والإنفعالية والخلقية، ماهي الدوافع وراء سلوك الكذب؟ والظروف المحيطة به، والسؤال الذي يتردد دائما علي اذهان الآباء هو:
لماذا يكذب طفلي؟
في الواقع يلجأ الطفل إلي الكذب لعدة أسباب منها:
1- خيال الطفل وعدم تميزه عن الواقع:
في بداية الدراسة الابتدائية يبرع الطفل في مادة التعبير بمساعدة قدرته العالية في التخيل، والذي يندمج فيها ويري نفسه بطل لقصة من ابداعه التي قد تكون قصة فيلم سينمائي، او قصة من نسج خياله.
2- يكذب الطفل لمحاولة إرضاء والديه:
ومن اسباب لجوء الطفل للكذب هو محاولة إرضاء وميل ابويه له، او محاولة إرضاء المعلمة بالمدرسة، فقد يلجأ لمن يحل له الواجبات المنزلية لنيل تقدير المعلمة.
3- تفاديا للعقاب:
يميل بعض الآباء الي العقاب القاسي لاطفالهم لتعديل سلوكهم، فاذا سكب الطفل العصير علي مفروشات المنزل، او اذا اخفق في علامات الاختبار المدرسي، يلجأ الأبوين الي وسائل العقاب الشديدة والتي تصل الي الضرب ظنا منهم ان التدليل يفسد تربية الطفل، فالطفل يتعلم من خبرته السابقة مع والديه العقاب الذي سوف يلاقيه اذا اخفق في أمر ما، لذلك يلجأ الي الكذب الذي قد يصل الي إلقاء الخطأ علي أخيه أو زميله بالمدرسة.
4- الرغبة في الانتقام:
قد يشعر الطفل بان هناك منافس له في المدرسة الذي ينال دائما تقدير المعلمين، حينما يري نفسه هو الأجدر بهذا التقدير، وتلعب مشاعر الغيرة في إطلاق الشائعات علي منافسه هذا لتشويه صورته امام المعلمين وزملائه، ويأتي هنا الدور الهام للأسرة والمدرسة في تنشئة الطفل تنشئة دينية وتربوية صحيحة.
أنواع الكذب عند الطفل:
هناك عدة انواع للكذب عند الطفل منها:
1- كذب المحاكاه:
الطفل في سن مبكر من حياته يحب تقليد الكبار، في أسلوب الكلام، طريقة الأكل، طريقة المشي، وهو بذلك يمتص اساليب التفكير واتجاهات الوالدين في حياتهم بطريقة غير مباشرة، ويخطأ أحد الأبوين عندما يقع في مشكلة ما ويحاول حلها بالكذب بطريقة غير مقصودة، ويراقب الطفل والده في ذلك الموقف، فمثلا عندما يتصل احد بالهاتف يريد ان يتحدث مع والده فيقول له والده ان يخبره بانه غير موجود، وهنا يتعلم الطفل ان سلوك الكذب قد يكون مشروعا للتهرب من المشاكل، ووسيلة للطفل للتهرب من العقاب، فيجب الاهتمام بوسائل تثقيف الطفل بقصص يكون ابطالها قدوة جيدة يحتذي بها، ويتم اختيار المدرسة ومعلمة الأطفال كقدوة حسنة له.
2- الكذب لتحقيق غرض ما:
فقد يلجأ الطفل الي الكذب والتحايل لشراء بعض الحلوي التي يرفض الآباء شرائها له، فيطلب النقود لشراء بعض الأدوات المدرسية، او يدعي انه ذاهب للدرس لكنه يذهب الي اللعب مع اصحابه، ويرجع سبب هذا النوع من الكذب الي كثرة عقاب الوالدين للطفل والتشدد في المعاملة، ولعلاج ذلك يجب ان يتفاهم الوالدين مع الطفل ومحاولة إشباع حاجة الطفل، وإعطاء مصروف له يتصرف فيه تحت مراقبة الوالدين، والبعد عن التشدد وإعطاء الثقة للطفل، وفهم الطفل وتشجيعه ومساعدته في حل مشاكله.
3- اختلاط الحقيقة بالخيال:
يرجع الكذب هذا باختلاط الحقيقة بالخيال الي الطفل الصغير الذي لايستطيع التمييز بين الحقيقة والخيال، فقد يشاهد فيلم كرتوني خيالي، أو يستمع الي قصة واقعية، ويحكي القصة بعد ذلك كانها قصة حقيقية درات بالفعل، وهذا النوع من الكذب لايجب ان يزعج الوالدين لانه يتعلق بالنضج العقلي لدي الطفل وسرعان مايتلاشي عند وصول الطفل لسن العاشرة.
4- الكذب المرضي:
اذا اصر الطفل علي الكذب الخيالي بعيد عن الواقع، وعدم قدرته علي التمييز بين الخيال والواقع، او أصر علي الكذب الإدعائي بهدف الانتقام من زميل له بالمدرسة او اخيه بالمنزل، أو اتضر الي الكذب تجنبا للعقاب، فانها جميعا صور للكذب المرضي، الذي سيصبح متلازم للشخصية المرضية الذي تربي علي الكذب، وتصاحبه بعض أعراض مرضية آخري كالسرقة والغش، التزوير، الاحتيال.
وما علي الآباء إلا أن يربوا أطفالهم علي كره الكذب بإنه سلوك قبيح يكره المجتمع والناس، وأن يتربي الطفل علي الصدق، وإشباع حاجاته النفسية من حب وعطف واهتمام، والتزام الأبوين بالصدق مع اطفالهم، والمساواة بين اطفالهم في المعاملة وعدم التميز بين طفل عن آخر فتلك الأسلوب يزرع الكراهية والغيرة والحقد بين الأخوة، ولجوء الطفل للكذب كإنتقام من أخيه، حتي يتم تحقيق الاستقرار الأسري في جو من الأمان والثقة.
يمكنك قراءة ايضا:
السرقة عند الأطفال، ومرض هوس السرقة (الكلبتومانيا) وعلاجه
كيفية التعامل مع الطفل الذي يعاني من اضطراب كرب مابعد الصدمة
اسباب الزواج المبكر وسلبياته
كيف نتعامل مع أطفالنا في أعمار مختلفة
وتنشئة الطفل تنشئة صحيحة لعلاج الكذب عند الطفل، باتباع بعض الخطوات الهامة منها:
- تنشئة الطفل تنشئة إسلامية منذ الصغر.
- إشباع حاجة الطفل من مأكل وملبس وحاجاته النفسية من حب واهتمام وتقدير.
- حسن إختيار الزوجة الصالحة والتي ستكون أم ومربية لطفلك وتحقيق حياة أسرية سليمة وتفاهم بين أعضاء الأسرة.
- عدم التهاون عندما يتعرض طفلك لمواقف الظلم والاهانة والخوف في المدرسة.
- الاستفادة من كتب علوم الصحة النفسية وعلم النفس والتربية التي تهتم بتربية الطفل وتنشئته تنشئة سليمة خالية من الامراض النفسية متوافقة مع تعاليم الدين الأسلامي.
- الاهتمام بزيارة النوادي الاجتماعية، والحدائق المناسبة للعب الاطفال لاشباع حاجات الطفل الجسمية والنفسية.
- معرفة المشاكل التي تواجه الطفل والعمل علي حلها، ومشاركة الطفل في التفكير لحل مشكلته، حتي تستطيع الأم أو الأب إرشاد وتوجيه الطفل ويستفاد الطفل من خبرة ونصائح الوالدين بدلاً من لجوءه للكذب، وبالتالي عندما يتعرض الطفل لمشكلة ما سوف يلجأ مباشر إلي والديه لمساعدته في حلها.
- كما يمكن للوالدين مناقشة سلبيات الكذب مع الطفل ودور الكذب في هدم ثقة الناس بالكاذب، وإنه أسلوب غير محبوب بين الناس.
- تشجيع الطفل علي قول الصدق دائماً، وإعطاءه بعض من الوقت لمراجعة نفسه عند الكذب دون الإسراع في العقاب.
- الإهتمام برعاية الطفل رعاية جيدة مع ملاحظة سلوك أصدقائه بالمدرسة.