لعله من الغريب التحدث عن جفاء المعاملة من الوالدين لاولادهم، خاصة من الطبيعي والفطرة التي ولد بها الإنسان هو حبه لاولاده وخوفه عليهم والقيام علي رعايتهم وتنشئتهم نشأة نفسية تربوية أجتماعية سليمة.
جفاء المعاملة بين الوالدين وأبنائهم، أسبابه وعلاجه
وكثيراً ما نشاهد بعض الابناء لايهتم بمراعاة مشاعر والديه، ولا ينصت إلي حديثهم ونصائحهم، ويتأفف من أوامرهم، ومعاملة الوالدين بجفاء وغلظة، ونهرهما وإبكائهما، وإثارة المشكلات أمامهم، وذمهما عند الناس، فمن الأفضل علي الأبناء الإحسان بالوالدين كما قال الله تعالي في كتابه العزيز" وبالوالدين إحسانا" وأن يصغي لحديثهم ويحادثهم ويتودد لهم بشتي الوسائل.
كما نري مظاهر وأشكال كثيرة لعقوق الابناء لوالديهم، نجد مظاهر آخري لعقوق الوالدين لابنائهم، حيث القسوة المتعمدة في المعاملة والتربية، وإستخدام أسلوب الضرب والسباب لابنائه علي أهون الأسباب، والعتاب المستمر، وحرمان الأبناء من مشاعر الحنان والحب والشفقة، مما يجعل أبنائه يشعرون دائماً بالنقص والإحتياج، ويلجأون إلي أصدقاء السوء والبحث عن المال أما بالسرقة أو سؤال الناس.
الأسباب التي تزيد الجفاء بين الوالدين وأبنائهم:
1- أسلوب العنف في المعاملة:
للعنف أنواع كثيرة منها العنف اللفظي مثل مناداة الأبناء بأسماء الحيوانات، أوالتلفظ بالسباب والشتائم للأبناء بقصد أو غير قصد، العنف الجسدي وهو إستخدام الضرب المبرح والذي يصل إلي إصابة الأبناء بعاهة مستديمة، مما يضطر بعض الأبناء والبنات أيضاً الهروب من بيت الأسرة، هذا بالإضافة إلي الألم النفسي وتدمير شخصية الأبناء.
2- البخل:
بخل الأب علي أبناءه وخاصة عندما يكون ميسورالحال، ويبخل الأب علي أبنائه في إعطائهم المصروف يجبر الأولاد علي السرقة وخاصة عندما يتجه الأب لشراء إحتياجاته الخاصة بكل إسراف وتبذير شديد، في حين لا يهتم بسد إحتياجات أبنائه من مأكل وملبس وغيره من الإحتياجات، فيكبر الأبناء علي كراهية الأب.
3- عدم قضاء وقت كافي مع الأبناء:
إنشغال معظم الآباء في العمل ومشاكله، والرجوع إلي المنزل في وقت متأخر حيث يكون الأولاد نائمين، ولا يري الأب أبناءه أبنائه ولايعرف أخبارهم سوي سؤال الأم فقط عنهم، فهو لا يجلس معهم ولا يتحدث معهم، أو بسبب سفر الوالد للخارج ويكون غائباً عنهم لشهور طويلة ولا يراهم سوي مرة في السنة، فلا يشعر الأبناء بحب الأب ومحبتهم له لكثرة إنشغاله عنهم.
4- سوء معاملة الأم:
إن إساءة معاملة الأب لأم أبنائه أمامهم وأهانتها يجعل الأبناء يتعاطفون مع والدتهم، وخاصة عندما يرونه يضربها ويبخل عليها وهي تتعب من أجل أسرتها وأولادها.
5- التفرقة بين الأبناء:،
كذلك هناك صورللتفرقة بين الأبناء في المعاملة من جهة الأم، فهي تميل لأحد أبنائها وتميزه عنهم، قد يرجع لأسباب مختلفة منها: التمادي في تدليل الأبن الأصغر، إعطاء مصروف أكثر للإبن الأكبر وتميزه عن إخوانه، ميل الأم لأحدي بناتها لإنها الأجمل عن إخواتها البنات، أو عدم العدل بين الأبناء في الهدايا والهبات والملاطفة والحنان، مما يشحن مشاعر الحقد والكراهية بين الأخوة من ناحية، ونفور الأبن من آبائه من ناحية آخري.
6- سوء تقدير:
إن الآباء اللذان يسعيان للكمال ويضاعفون المسؤولية علي الأبناء، ولا يسمحون لهم بأي خطأ او تقصير، كما لايظهرون تقدير وإعجاب بما قدموا أبنائهم من أعمال، أو حتي كلمات تشجيع ومدح، فتكون في النهاية دافع لنفور الطفل من والديه.
لذلك يجب علي الآباء إتباع الأساليب التالية ومراعاتها في تربية أبنائهم:
1- الأخذ برأي الأبناء لإي الأمور الأسرية:
جميع من الآباء لهم ضغوط نفسية من مشاكل بالعمل أومشاكل بالأسرة، ويلجأ البعض للأسف إلي تفريغ شحنة الغضب علي أطفاله بل ويفتقر بعض الآباء إلي التواصل الجيد مع أولاده مما يؤثر علي نفسية الأطفال ويصبح اكثر عنفاً، وإنشغال الأب بالعمل لايعفيه من مسؤولية تربية الأبناء وتوجيهم في حياتهم، وعلي الآباء مشاركة أطفالهم في لعبهم والخروج معهم وإجراء الحوار ومناقشتهم في مشاكلهم ومشاكل الدراسة بهدف التقرب للأطفال، ومن امهم أيضاً الأخذ برأي الأبناء في كل أمور الحياة الأسرية ومشورتهم ومناقشتهم، مع إعطاء حريتهم في إبداء الرأي، فهي تعطي ثقة الأبناء بأنفسهم وإشعارهم بقيمتهم، وتدريب لهم علي إخراج أفكارهم والتعبير عن مشاعرهم وآرائهم.
2- فهم شخصية الأبناء:
إن فهم شخصية الأبناء وميولهم تحتاج إلي مراقبة سلوكيات الأبناء، وفهم شخصية الأبناء وطبعهم يساعد كثيراً في تنمية قدراتهم وإستغلالها، ويحسن من تربية الأبناء، هناك أطفال مثل الأسفنجة الذي يتمتص ويقلد كل سلوكيات والديه، أما الطفل متوسط التفاعل الذي يقلد سلوك الوالدين بعد فترة قصيرة من الوقت، أما النوع الثالث وهو الطفل الذي يرفض رفض تاماً أن يتخذ سلوك الوالدين كقدوة له مهما حاول الوالدين معه، فعلي الوالدين لغرس القيم والمفاهيم والعادات والتقاليد الإجتماعية المهمة في نفس الطفل كالصلاة مثلاً لابد من تكرار الفعل للطفل كأخذ الطفل للصلاة في المسجد لتعزيز السلوك (أي غرسه) في نفس الطفل، وسوف يبدأ طفلك في الألتزام بالسلوك الذي تم غرسه في نفس الطفل.
3- العدل والمساواة بين الأبناء:
إن الحياة لا تسير إلا بالعدل، وامرنا الله تعالي بالعدل بين الأولاد بنين وبنات صغار وكبارعلي حداً سواء، فليس من العدل إكرام الولد الذكر عن الأبنة كإنك عوناً للشيطان عليها ويفسد بين الأولاد، حينما الأب يعدل بين أولاده فإنه يشيع المحبة والتعاون بينهم والعدل ليس في النواحي المادية فقط بل في النواحي العاطفية ايضاً، وإياك وظلم أحد الأبناء او تفضيل ابن عن آخر، فالعدل هو التوازن في التربية مع الأبناء، فعلي الأبوين العدل بين الأبناء في المعاملة والهبات والهدايا أيضاً، وإياك والمقارنة بين الأبناء وتميزهم عن بعض، فالعدل أمر واجب وإكرام الأبناء وإشباعهم معنوياً ومادياً، وتجنب تفضيل ابن عن آخر أمور نبهنا إليها سيدنا محمد.
4- بث روح التعاون بين الأبناء:
إن بث روح التعاون بين الأبناء من شأنها تقوي العلاقات بين الأبناء، وتثبت روح المحبة بينهم، ولا ينشأ أحد بين الأبناء أناني أو يفضل نفسه علي أحد من أخوته، التعاون بين الأبناء له علاقة قوية بالعدل بين الأبناء، فإذا تم المساواة بين الأبناء في المعاملة والهدايا فسوف تعم روح التعاون والمحبة بينهم.
5- إشباع الحاجات المعنوية والعاطفية:
من المهم إشباع حاجات الأبناء العاطفية من حب وإهتمام وعطف وحنان، حتي لا يحرم منه ويبحث عنه خارج البيت، فمدح الأبناء والفخر بهم أمام الناس كفيل بزرع الثقة بنفوسهم وتقوية شخصيتهم، كذلك مشاركتهم في هوايتهم ومتابعة تحصيلهم الدراسي، وإبداء الرأي في حل مشاكلهم.
6- إجتناب أسلوب العنف:
إن أسلوب العنف له نتائج وخيمة علي نفسية الأبناء هذا غير تدمير لشخصيتهم، وإصابتهم بالأمراض النفسية، فيجب الحذر في معاملة الأبناء والرفق بهم خاصة في مرحلة المراهقة، وذلك بإتباع أسلوب المناقشة الهادئة والإقناع، وإتباع أسلوب اللين في الحديث بجانب الصبر والحكمة، وإذا تمادي في سلوك التمرد والجفاء والمعاملة القاسية فعلي الأبوين والأخوة مقاطعة الإبن حتي يشعر بخطئه.
7- مراعاة المرحلة العمرية للأبناء:
يمر كل طفل بمراحل العمر المختلفة، فيجب مراعاة المرحلة العمرية لكل واحد فيهم، ومعاملة كل طفل علي حسب عمره وتفكيره وشخصيته، فكل مرحلة من مراحل عمر الابن تختلف عن المراحل العمرية الآخري، وأخطرها مرحلة المراهقة والتي يجب علي الأب والأم أن يتابعوا أبنائهم عن كثب ومراقبة سلوكهم والتعرف علي أصدقائهم حتي نجنبهم الإختلاط باصدقاء السوء.
يمكنك قراءة أيضاً:
8- مراعاة الجلوس مع الأبناء:
من المهم الجلوس مع الأبناء وقضاء بعض الوقت معهم، وإرشادهم ومناقشتهم في أمور الحياة، والإنصات لرأي الأبناء والتواصل البصري معهم وإبداء الأهتمام بالإستماع لحديث الصغير والكبير منهم، وعلي الأب المنشغل بأعماله الأهتمام بقضاء بعض الوقت مع أبنائه ولو في إجازة نهاية الأسبوع، فجلوس الأب مع أبنائه وتقربه منه شيء هام وضروري، وسوف يجني الأب ثماره عند يصل لمرحلة الشيخوخة، والآباء الذين تشغلهم الحياة عنهم فهو يبتعد عنهم، ويجد الأبناء من يتشاور معهم في مشاكلهم ويسبب الكثير من مشاعر الكراهية والجحود من الأبناء للآباء.