كثيراً ما تتأثر شخصية الفرد بمشاكله والظروف البيئية المحيطة به، وحياة الإنسان عبارة عن سلسلة من الاحداث والتوقعات التي يواجها بحسب شخصيته وأسلوبه في مواجهة مشاكل الحياة، وقد تقف ظروف الحياة حائل دون تحقيق الإنسان لطموحه ورغباته، الأمر الذي يدفع الإنسان للكفاح والمثابرة من أجل الوصول إلي هدفه وهو مايسمي بالسلوك القتالي، أو إنه لا يقوي لمواجهة تلك الصعوبات فيستسلم وهذا ما يسمي السلوك الهروبي، ويتخذ طرق مختلفة للتكيف مع مشاكله للتخفيف من حدة الشعور بالقلق والتوتر وهذا ما يسمي بالحيل الدفاعية والتي سوف نستعرضها معاً في هذه المقالة.
ماذا تعلم عن الحيل الدفاعية اللاشعورية (في علم النفس) التي يستخدمها الإنسان للتكيف مع مشاكله
ماهي الحيل الدفاعية:
الحيل الدفاعية هي طرق آلية لاشعورية الهدف منها مواجهة المشكلات بإستخدام طرق تشوه الواقع بغرض تخفيف الشعور بالقلق ولا تعمل لحل تلك المشاكل، بل تقدم راحة وقتية للفرد، ولا تحقق أي نوع من التوافق للشخص مع بيئته أو مع أهله وأصدقائه، فهي كالمسكنات التي تستخدم لتهدئة الألم لبعض الوقت ولا تعمل علي حل المشكلة الجوهرية، والحيل الدفاعية يستخدمها جميع الناس، ولكن إستخدمها بإفراط يدل علي وجود اضطراب نفسي ويضر علاقة الفرد بمجتمعه.
فوائد الحيل الدفاعية:
- تسمح تلك الحيل الدفاعية بإعطاء بعض الوقت للتكيف والتفكير في كل أبعاد المشكلة.
- في عملية التبرير يسعي الفرد إلي إيجاد بعض المبررات والأعذار المنطقية لسلوكه، مما يؤدي إلي فتح المجال للتفكير في العلاقة بين المسببات والأسباب.
- قد تؤدي بعض الحيل الدفاعية إلي نجاح الفرد وتؤكد ذاته، كالشخص الذي ينعزل عن مجتمعه ويمارس بعض هواياته والتي قد يكتشف نفسه وقوة ومهارته من جديد.
- تؤدي تلك الحيل الدفاعية إلي تعلم وسائل جديدة بل التعرف علي عيوبنا عند طرحها علي الآخرين ونصل إلي عدم التسرع في الحكم علي الآخرين وتعديل أنفسنا.
لكن عندما يعتمد الفرد علي تلك الحيل الدفاعية ويستخدمها بإسراف، يؤدي به الأمرإلي العيش بعيداً عن الواقع كما يؤدي إلي مشاكل في شخصيته.
أنواع الحيل الدفاعية:
1- النسيان:
هي حيل دفاعية لاشعورية التي يلجأ إليها الفرد للتخلص من الذكريات المؤلمة، حيث ينسي الفرد الخبرات المؤلمة أكثر من الخبرات السارة ويحدث هذا النسيان نتيجة للكبت، فقد ينسي الفرد ميعاد لشخص لا يحبه، وقد تحدث بعض الأحداث التي ينساها الفرد ككل مثل فقدان الذاكرة، كما أن هناك حالات نمر بها جميعاً وهو النسان العادي الذي يحدث نتيجة كثرة الأحداث اليومية وزوالها من الذاكرة، والتي يمكن أنتسترجع مرة آخري إلي الذاكرة عند مرور الشخص بظروف مناسبة تساعد علي رجوعها للذاكرة.
2- الطرح:
حالة الطرح تحدث عندما نريد أن نخفف عن أنفسنا بعض المشاعر التي نكرها ولا نري الواقع جيداً، أو بمعني آخر تخلي الشخص عن صفاته وينسبها إلي شخص آخر مثل الشخص الذي يكذب كثيراً يهتم الآخرين بالكذب وينفي عن نفسه هذه الصفة، وإلقاء اللوم والعتاب علي الآخرين بدلاً من إلقائها علي نفسه.
3- التبرير:
يقدم الشخص تبرير لموقفه نتيجة لسلوكه الخاطئ، وقد ينجح في إقناع المحيطين به لتبريره عما صدر منه بهدف إخفاء الحقيقة، وهي محاولة يخدع بها الفرد نفسه قبل خداع الآخرين، ويلجأ الناس لهذه الحيلة الدفاعية للهروب من العقاب والدفاع عن سلوكهم، بل يلجأ إليها الشخص الفاشل الذي لا يقوي علي المواجهة والتي يحاول بها التنصل عن مشاكله مثل تبرير فشل الطالب في درسته بسبب صعوبة المادة.
4- التحويل:
وفيها تتحول الطاقة المكبوتة إلي أعراض مرض جسمي، وهي طريقة يلجا لها الفرد لطلب المساعدة من الاعضاء الجسمية، لحل الصراع الذي يشعر به نتيجة فشله في حلها وهو مايسمي في علم النفس بالأمراض النفسجسمية (السيكوسوماتية)، كما إنها تأخذ شكل آخر فمثلا عند تعرض أحد الموظفين للتوبيخ واللوم من قبل مديره في العمل، فبدلاً من الطاقة الداخلية المكبوتة للغضب علي مديره فعند رجوعه للبيت ينقل تلك الطاقة ويخرجها علي أسرته الذين يكنوا أكثر ضعفاً عن مديره.
5- أحلام اليقظة:
أحلام اليقظة هي من الحيل للهروب من الواقع، أي الشخص الذي لم يستطع تحقيق أحلامه وآماله في الحياة الواقعية يهرب منها إلي التحقيق في أحلام اليقظة، وهو نوع من التفكير يهدف إلي تقليل التوتر والقلق، فنجد الفقير يحلم بالثراء، والفاشل يحلم بالنجاح، وأحلام اليقظة تختلف عن الأحلام التي نراها عند النوم، فأحلام اليقظة أكثر وضوحاً عن الأحلام في النوم.
6- التسامي:
وهي عبارة عن طاقات مكبوتة كالرغبات الجنسية والعدوانية ويتم تحويرها إلي أهداف بنائية مفيدة، مثل تصعيد الدوافع العدوانية إلي بعض الرياضات المفيدة كالكراتيه والملاكمة.
7- الإنسحاب:
وهي أن يتفادي الفرد المواقف التي تسبب لهم الفشل، أو التي توجه له النقد واللوم حتي يقي نفسه من العواقب والقلق والتوتر الذي ينشأ نتيجة للفشل، وهي حيلة تبدو واضحة عند الشخص الإنطوائي الذي يفضل العزلة ولا يحضر أي مناسابت إجتماعية أو الرحلات أو قضاء الوقت في النوادي الإجتماعية، بل يقضي معظم وقته في ممارسة بعض الهوايات المفضلة له كالرسم أو القراءة، للهروب من عبارات النقد المستمرة عليه.
8- النقل:
وهي عبارة عن نقل بعض المعاني الأصلية الغير مقبولة إلي معان آخري أقل اثارة، ويحدث النقل نتيجة للكبت مثل إنفعال الغضب الذي يتم تبديله بعبارات لفظية كالشتائم والسباب والسخرية موجه الي الشخص الذي تسبب في اثارة الغضب.
يمكنك قراءة أيضاً:
9- التعويض:
التعويض يحدث عند محاولة الفرد للتغلب علي نقطة ضعف لديه وهي أفعال لاشعورية تهدف إلي الإرتقاء إلي المستوي الذي وضعه الشخص لنفسه والذي يعمل علي التخفيف عن عقدة النقص لديه مثل الفتاة التي تفتقر إلي الجمال تعوض ذلك النقص إلي المبالغة في إرتداء الملابس الفاخرة وزينتها، أو أن شخص قصير القامة يتعمد علي إعلاء صوته والتصرف بعدوانية لتعويض النقص الذي يعاني منه.
10- الكبت:
والمراد بها هو تقليل الفرد لاحساس القلق، والكبت عبارة عن مشاعر مكبوتة التي تظهر فجأة علي شكل رمز أو الشعور بالذنب، مثل عدم تذكر ذكريات الطفولة، فالطفل الذي لا يستطيع تحقيق رغباته يلجأ إلي الكبت، ولا يقتصر الكبت علي الذكريات المؤلمة بل يمتد إلي بعض الدوافع السليمة.
11- الاحتماء بالمرض:
هذا النوع من الحيل الدفاعية يعتبر حالة هروبية و إستعطافية ، فإذا فشل الفرد في تحقيق هدفه فإنه يلجأ إلي تصنع المرض الجسدي لاستمالة من حوله وإستعطافهم هروباً من المسؤولية ومواجهة المواقف الصعبة، ونجد تلك الحيلة الدفاعية هذه بوضوح لدي الأطفال فعندما يخدش صبعه فيلجأ إلي الأم لإستعاطفها والشعور بحبها وإهتمامها به، ويختزنها العقل ويلجأ إليها للهروب من المشاكل الصعبة.
12- الإستبدال:
وهي من الحيل اللاشعورية حيث يقوم الفرد بتحويل دافع موجه نحو موضوع معين إلي موضوع آخر أقل تهديداً له.
13- الإنكار:
تستخدم تلك الحيلة الدفاعية لرفض حقيقة ما حيث يخرج الشخص الأحداث والواقع الخارجي من عقله حتي لايقع تحت تأثير العاطفي لهذا الحدث، وتظهر تلك الحيلة بوضوح عندما يستقبل الفرد نبأ وفاة أحد المقربين له ويستنكر حالة الوفاة بشدة.
14- التراجع (الإنسحاب) :
وتحدث تلك الحيلة عند شعور الشخص بالتهديد أوالقلق وإحتياجه للهرب، وتظهر هذه الحيلة جلية عند الأطفال في حالة تعرضهم لصدمة قوية فإنهم يرجعون أصغر سناً مرة آخري.