يعتبر الإدمان من المشاكل الخطيرة التي يواجهها المجتمع، ويسعي لها العالم لمحاربتها، نظراً لأضرارها الجسمية والصحية والنفسية فالإدمان ظاهرة بالغة التعقيد، كما تتعدد أسباب الإدمان، فهناك أسباب ترجع إلي شخصية المدمن، وبيئة المدمن وظروفه الإجتماعية، كما يعتمد الإدمان علي خواص العقار أيضاً علي الرغم من وجود أنواع كثيرة من المخدرات والمنبهات التي تدمر صحة شبابنا.
أسباب تعاطي المخدرات بشكل عام وإدمانها
إن الإنسان بتكوينه الإجتماعي جزء من المجتمع الذي يعيش فيه، ولذلك فهو متأثر بإتجاهات وقيم المجتمع ويؤمن بها، وأي خروج عن تلك المبادئ والعادات والتقاليد يعتبر تصرف شاذ ومنحرف ينبذه المجتمع ولا يعترف به ويعاقب عليه أيضاً، وبذلك يعد تعاطي المخدرات بكافة انواعها سلوك يرفضه المجتمع.
أسباب الإدمان:
1- العقار:
لكل مادة كيميائية تركيبها الخاص، ولهذا التركيب خطوات معينة تمر بالجسد وصولاً إلي الجهاز العصبي بنسبة معينة، فكل عقار يلتصق بجزء من الخلية العصبية، فيؤثر العقار علي الجسم والمخ، ونجد ان الخمر يؤدي إلي الإدمان بعد 5-10 سنوات، بينما يؤدي إستعمال المنومات يومياً إلي الإدمان في خلال شهر، أما الهيروين يؤدي إلي الإدمان خلال أسبوع أو عشرة أيام علي الأكثر.
كما تزداد فعالية العقار ووصوله إلي المخ حسب طريقة الإستعمال فمثلا الحقن بالوريد من أسرع الوسائل إلي الإدمان، اما الإستعمال عن طريق الفم فهو أقل تأثيراً، وكما يعتبر التدخين أقل وأبطئ الوسائل للإدمان، ويقصد بالتدخين هنا إستنشاق العقارأوالتعاطي عن طريق الفم.
2- نظرة المجتمع للعقار:
هناك بعض المجتمعات تتعامل مع الخمر والتدخين علي إنه شيء مقبول، أما عقاقير الهلوسة والمخدرات فهو غيرمقبول نهائياً، وعلي العكس من ذلك هناك مجتمعات تتقبل إستخدام عقاقير الهلوسة والمخدرات، ويرجع ذلك التناقض إلي بعض الأسباب منها:
- تأخر حالات الوفاة والأضرار بسبب الإستعمال: فالتدخين وشرب الكحوليات يتأخر أضرارها بعد حوالي 10 سنوات، او قد تصيب الأضرار بعض من المتعاطين، لذلك قد يغض المجتمع بصره عن التعاطي.
- توفر المادة: إذا كانت المادة المخدرة متوفرة بالمجتمع إزداد تقبله عليها.
- رخص أسعار المواد: فالتدخين وشرب القهوة من المواد رخيصة الثمن، كما توفرهما يجعلهما أكثر قبولاً في المجتمع أكثر من الخمرن مع إننا لايمكن أن نشبه شرب القهوة والتدخين بالخمر والمواد المخدرة مع إنهم لهم نفس المضاعفات تقريباً.
3- صفات وشخصية المدمن:
كان لرأي علماء مدرسة التحليل النفسي في صفات وشخصية المدمن منها: عدم قدرة الشخص علي تحمل مشاعر القلق والتوتر النفسي والإحباط، كما تتسم شخصيته بالإتكالية وعدم نضوج الشخصية، كما يري الآخرون أن المدمن يمكنه حل مشاكله بإستخدام تلك المواد، كما تتسم شخصية المدمن بقلة الصبر في تحقيق رغباته ويصرعلي إشباع مايريد تحقيقه، كما يعاني من الضعف الجنسي أو لديه ميول للشذوذ الجنسي، كما تتسم تلك الشخصية بالقلق الدائم والتوتر والذي يلجأ إلي العقاقير لتهدئة توتره فيؤدي إلي الإدمان وغالباً مايلجأ إلي إستخدام الأفيون - خاصة بين المراهقين الذكور- لإن مادة الأفيون مادة تعمل علي تسكين مشاعر العدوانية التي يعاني منها المراهقين.
4- الامراض النفسية والجسدية:
من أكثر الأمراض النفسية التي يتعرض لها الفرد ويلجأ إلي تعاطي المخدرات هو مرض الإكتئاب والفصام والقلق النفسي، أما الأمراض الجسدية التي تؤدي إلي إدمان المنبهات والمخدرات هي الأمراض التي تسبب الألم وتتطلب أخذ المسكنات مثل المغص الكلوي، آلام مابعد الجراحة، الحروق...وغيرها، فقدان الثقة بالنفس والتعرض للتنمر والسخرية تدفع الشخص للإدمان ولزيادة شعوره بالثقة بالنفس والقوة.
والتعرض لحوداث العنف الجسدي وما يصاحبها من آلام جسدية وإيذاء بدني الذي يولد نوع من الغضب واليأس واللجوء إلي تعاطي المخدرات للهروب من الآلآم الجسدية والنفسية لتلك النوع من الحوادث، مثال لذلك حوادث الإغتصاب الجنسي أو التحرش الجنسي الذي يسبب الألم النفسي ويلجأ الفرد إلي المخدرات للهروب ونسيان الذكريات المؤلمة التي تلازم أفكاره.
هناك بعض الأمراض المزمنة التي تسبب الكثير من الآلآم مثل مريض السرطان التي قد تدفع المريض للمخدرات كنوع من تسكين الألم والخروج من حالة الإكتئاب التي تلازم المريض.
5- السن والنوع:
من الملاحظ تردد عدد كبير من المراهقين والشباب لمراكز العلاج، وتبين أن عدد المدمنين علي الخمر والعقاقير من الشباب أكبر من عدد المترددين علي مراكز العلاج من هم في سن الخمسين والستين، مع إن علاج المدمن الشاب أصعب من علاج المدمن البالغ، أما بالنسبة لمشتقات الأفيون والمواد التي تؤخذ بالحقن في الوريد فهي تنتشر بين المراهقين والشباب، أما الحشيش فينتشر بين شباب وطلاب الجامعات والمراهقين، أما المنومات والمسكنات تنتشر بين متوسطي الأعمار وسن الستين.
أما بالنسبة للنوع فأثبتت بعض الدراسات ان مدمني الخمور من الذكور ترتفع نسبتهم عن النساء بدرجة1-5، ويرجع ذلك إلي أن الذكورأكثر إستهلاكاً في شرب الخمور، كما ينظر المجتمع بالإستياء لإدمان المرأة للخمور بعكس نظرته للرجل، كما يتحاشي بعض الأطباء تشخيص إدمان الخمور للنساء، كما يعتبر إستخدام النساء للمنومات والمهدئات مقبول إجتماعياً أكثر من تعاطي الخمور.
مواضيع ذات صلة:
6- الحالة الإجتماعية للمدمن:
لوحظ أن أكثر مستخدمي الخمور والمواد المخدرة من العزاب أو المطلقين بنسبة أكبر عن المتزوجين، كما ترتفع نسبة الإدمان بين المطلقين من الجنسين بصورة أكبر، كما تنتشر بسبب التفكك الأسري، البطالة، الفقر، إنحراف أفراد الأسرة، تعدد الزوجات، الحرمان، إنخفاض مستوي التعليم، سوء المسكن الذي يؤدي إلي إفتقاد الأمان والخصوصية، فيلجأ إلي المخدرات كوسيلة لتخفيف من حدة القلق والإكتئاب.
7- البيئة الأسرية:
يتعاطي الناس في المجتمعات الغربية الخمور بصورة كبيرة لإنه شائع ومنتشر بدرجة كبيرة، كما أن الحصول عليه أمر هين ويسير، وقد ثبت أن الطفل بمرحلة الإبتدائية يجرب الخمور كما يعرف الفرق بين المشروبات الكحولية والمشروبات التي لا تحتوي علي الكحول، أما في بداية سن المراهقة فيخرج المراهقون للحدائق لتعاطي المشروبات مثل البيرة، كما يترددون علي الحانات لشرب الخمر، وعندما يصل المراهق لسن الثلاثين يصبح مدمن الخمر ويرجع ذلك لبعض الأسباب مثل:
- تهرب الأبوين عن مسؤولية الأطفال.
- نفور الوالدين من اطفالهم.
- ضعف الضوابط التي تفرضها الأم علي الطفل.
- الصراعات بين الوالدين.
المراجع:
الإدمان ومظاهره وعلاجه،عادل الدمرادش، عالم المعرفة 1992.