كثيراً مايحدث تصادم وتعارض في الآراء بين أفراد الأسرة، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها أن الناس ذوو طبائع وأذواق وأفكار وطموحات مختلفة، مما يعني أن تعاملهم مع شؤون الحياة ومشاكلها بأساليب مختلفة أيضاً، وهذا يعني إنه لابد من تعارض آرائهم وأفكارهم أيضاً، ولذلك هم في أشد الحاجة إلي التحوار وليس إلي الجدال الذي يتمسك فيه كل فرد برأيه ومحاولة إقناع الغير به، والذي قد يصل الأمر إلي الصياح ومقاطعة حديث الآخر، وهذا علي خلاف عن التحاور الذي يهدف إلي أن تكون بعيدة عن التشنج وان يشرح كل طرف وجهة نظره بهدوء بدون إرتفاع الصوت أو مهاجمة آراء الطرف الآخر.
كيف يمكن إنقاذ الأسرة من التفكك، وما هي معوقات التواصل السليم بين الزوجين
لظاهرة التفكك الأسري آثار إجتماعية ونفسية خطيرة علي البناء الإجتماعي، وأول الضحايا هم الأبناء، مما تزيد من مشكلة الإنحراف الأخلاقي بينهم ويشعر أفراد الأسرة بعدم الأمان والإستقرار.
لذلك فالحوار بين أفراد الأسرة يؤمن التفاعل بينهم ويزيد من ثقة الطفل في نفسه، ويتعلم الطفل في وقت مبكر كيف يكون الحوار المفيد مع إحترام آراء الآخرين لإنه إنسان يفهم ويعي ولديه رأي أيضاً من حقه الدفاع عن وجهة نظره، كما سيشعر بإنه موضع إحترام والديه بسبب إتاحة فرصة له للتعبير عن آراءه وأفكاره ومشاركة الأبوين في حل بعض المشاكل الأسرية البسيطة، كما يشعر الأبناء بالأمان والإطمئنان، فإذا كان الحوار بين أفراد الأسرة غير متوفر فبذلك تتراكم المشكلات والأخطاء وبالتالي يخاف الأطفال من جلسة طويلة تتراكم فيها المشاحنات والخلافات وينبش فيها القديم والجديد.
فإذا لم يستطع الأبوين التواصل الجيد مع أبنائهم فلن يستطيع الأبناء التواصل الجيد معهم، بل ويسلمهم الآباء لوسائل الأعلام التي ترسخالقيم والعادات والتقاليد الغربية والتي تغير من طبائع وأخلاقيات الأبناء، أو يلجأ الأبناء إلي شبكات التواصل الإجتماعي للبحث عمن يشكو إليه همومه ومشاكله، وكثيراً ماتتورط فتيات مع شباب في علاقات مشبوهة، وكل هذا بسبب غياب الأبوين الذين يساعدون الأبناء في حل مشاكلهم وتوجيههم، والفراغ العاطفي الذي يشعر به الأبناء أيضاً ويحاول اللجوء إلي أصدقائه في المدرسة أو النادي وكثيراً ما يقع الأبناء في طريق الإنحراف بسبب رفاق السوء الذين تعرفواعليهم في غياب أو غفلة الآباء وإنشغالهم عن رعاية ومراقبة الأبناء.
يمكنك قراءة أيضاً:
ماهي العادات الإجتماعية والنفسية السلبية السيئة التي يجب التخلص منها
كيف يمكن تحقيق السلام النفسي والوصول إلي السعادة الحقيقية
الزواج بالأجنبية هل هو زواج سعيد أم ورطة
أنواع التفكك الأسري:
1- التفكك المادي: وهو الذي يحدث بفقدان أحد الوالدين أو في حالة الإنفصال بين الوالدين كالطلاق أو الهجر.
2- التفكك النفسي: ويحدث التفكك المادي عندما يعيش أفراد الأسرة في جو مليء بالمشاحنات والخلافات الأسرية، وعدم إحترام حقوق الآخر، بالإضافة إلي إصابة أحد الوالدين بأمراض نفسية أوعقلية او إدمان المخدرات والكحوليات.
ما هي معوقات التواصل بين أفراد الأسرة:
1- بعض المعتقدات والمفاهيم الخاطئة لدي الآباء:
ينعدم الحوار الجيد بين أفراد الأسرة بسبب بعض المعتقدات والمفاهيم الخاطئة لدي الآباء مثل ميولهم إلي الشعور بالسيطرة والتحكم بأمور البيت، وإصدار الأوامر التي يجب أن تنفذ بدون اي أعتراض، إلي أن أصبح الحوار مع الأبناء يمس شيء من الكرامة، حيث يعتقد بعض الآباء أن الحوار مع الأبناء او مع الزوجة يعرضه للإنتقاد الذي يحط من قدره، لأن الحوار لا يخلو من نقد لتصرف ما أونقد لفكرة ما، لذلك ننصح الآباء لكي يحافظوا علي الأبناء من الضياع عليهم أن يتحملوا الكثير من المواقف والتنازل بعض الشيء.
2- إنشغال الأب والأم بالعمل خارج المنزل:
كثيراًما نجد أن الأبوين منشغلان بأعمالهم خارج المنزل حتي ولو كانت الأم مشغولة بعملها في الفترة الصباحية ورجوعها إلي المنزل وهي متعبة ومجهدة جسدياً وذهنياً، هذا بالإضافة إلي أعباء الأعمال المنزلية التي تنتظر رجوعها للمنزل بحيث لا يكون لديها الوقت للجلوس والتحاور مع الأبناء ومناقشة مشاكلهم، هذا بجانب عمل الأب طوال اليوم ورجوعه غالباً في وقت متأخر (بسبب متطلبات العمل) فيلقي عبء تربية الأبناء وعبء المنزل علي عاتق الزوجة مما تتحمل هي وحدها مسؤولية الأبناء ورعايتهم إلي جانب أعبائها في الأعمال المنزلية ومسؤوليتها تجاه عملها في الصباح، هذا إلي جانب إنها تؤجل بعض الأمور الهامة مثل حاجاتها إلي الذهاب للطبيب أوالتواصل مع أهلها، والتحاور مع الأبناء يحتاج إلي وقت طويل لكن مع إنشغال الأب والأم بالعمل طوال اليوم يجعل وقتهم قصير أو لا وقت كاف لديهم للإجتماع مع الأبناء والتحاور معهم، فالعمل والهدوء أهم لديهم من الجلوس مع أفراد الأسرة.
3- الحوار العقيم:
في بعض الأسر نجد الزوجين اللذان يزهدان في الحوار فيما بينهم، يفعلان نفس الشيء مع أبنائهم، ويفعل معهما الأبناء نفس الشيء!! حيث يعتفد أفراد الأسرة أن التحاور مع بعضهم البعض هو مضيعة للوقت، أومصدر لتكدير النفس، ويرجع سبب هذا الإعتقاد إلي إختلاف المستوي الثقافي والتعليمي بين الزوجين وفي هذه الحالة ينعدم الحوار بين الزوجين، لأن المفاهيم وأسلوب التفكير مختلفة عند كل فرد، فلماذا نضيع الوقت في حوار لا فائدة منه؟
4- التقدم التكنولوجي:
نستطيع القول أن التقدم التقني السريع أدي إلي إضعاف الروابط الأسرية والتواصل بين أفراد الأسرة، ولجوء كل فرد من الأسرة إلي الإنعزال عن أسرته والتواصل مع العالم الخارجي والمعايشة مع العالم الإفتراضي بعيداً عن المشاكل الأسرية، دون أن يجد فرصة للتواصل مع أحد من أفراد الأسرة، وإنشغال كل فرد من الأسرة مع أدوات التواصل مع العالم الخارجي سواء الهاتف أو الانترنت، وعندما يحاول الأب الإجتماع مع أفراد أسرته، يتضايق ويتذمر الأبناء من هذا الإجتماع الذي سيقطع عليهم الإستمتاع بالنت لما يقوم عليه من تسلية ومتعة وإرضاء المزاج، لذلك يجب توفير الفرصة للحوار والتفاهم والمصارحة بين أفراد الأسرة ويمكن إنتهاز فرصة الجلوس علي إحدي الوجبات والبدء في التحدث والحوار.
وعلينا أن نتذكر:
- الإعتراف بإختلافنا عن الآخرين في بعض الأمور.
- التربية هي التفاعل بين الأبوين والأبناء.
- الحوار مع الأبناء يزيد من ثقتهم بانفسهم.
- قلة الحوار مع الأبناء تدفعهم إلي الإنحراف بسبب رفاق السوء.
المراجع:
عبد الكريم بكار، التواصل الأسري، دار السلام للنشر والتوزيع (2009)