الطلاق هو نهاية الخلافات والصراعات وسوء الفهم بين الزوجين، والطلاق لا يحدث فجأة بل يمربمراحل متتالية تمهيداً للنهاية الحاسمة، فقبل الطلاق تتجمد المشاعر والتعلق، وتزداد حدة الصراعات والخلافات بين الزوجين إلي أن تزيد التباعد النفسي بين الزوجين، ويصل الأمر بما يسمي بالطلاق النفسي.
مراحل الطلاق، والحياة قبل وبعد الطلاق
الطلاق شعور مؤذي لجميع أفراد الأسرة فهو يترك آثار نفسية تظهر في شكل اضطرابات نفسية مثل اضطرابات في النوم، عدم التركيز، الإنعزال عن الجميع، الإكتئاب، الشعور بالوحدة، التوتر والقلق.
1- مرحلة ماقبل الطلاق:
تظهر بذرة الطلاق في بداية الزواج بسبب عوامل كثيرة منها:
- تدني إلتزام أحد الزوجين بالعلاقة الزوجية.
- أن يكون أحد الزوجين غير مؤهل نفسياً أو عاطفياً أو سلوكياً للزواج.
- أحد الزوجين غير مؤهل لتحمل الحياة الزوجية بمسؤولياتها واعبائها وتضحياتها مثل الشخصية المدللة التي تنظر إلي الشريك علي إنه أداة لتلبية طلباتها وحاجاتها ورفاهيتها أو الشخصية الأنانية التي تأخذ و لاتعطي او التي لا تبادل مشاعر الحب بل تكتفي بذاتها ولا تعترف بإحتياج الشريك الآخر لحاجلته ومتطلباته.
- ومن الشخصيات التي لاتصلح للزواج هي الشخصية الكثيرة الشك، التي تحول الحياة الزوجية إلي جحيم، وتدخل الشخصية الشكاكة في جدال طويل تسأل عن كل كبيرة وصغيرة، وتصعد المشاعر إلي العداء والكراهية.
- والشخصية السيكوباتية تلك الشخصية التي تستطيع أن تظهر بمظهر مثالي أمام الناس، إلا إنها شخصية إحتيالية لايمكن أن تعطي بل هي تسعي لتحقيق أهدافها ومصالحها الشخصية.
- بل قد تشكل الأسرة الأصلية للزوج أو الزوجة بعض من عوامل الفشل الزواجي والطلاق، مثل نمذجة الوالدين خاصة عندما يعيش الطفل معاناة مرحلة الطلاق والإنفصال بين الوالدين فيكرر التجربة في حياته، مما يتولد لديه بعض الاضطرابات النفسية، مما يجعل سيناريو الطلاق يتكرر مرة آخري.
2- مرحلة مابعد الطلاق:
يحدث الطلاق حتمياً عندما لا تتوفر عوامل إستمرار الزواج، وللخلاص من معاناة الزواج الفاشل، وتتوالد مشاعر وردة فعل نفسية معروفة بعد الطلاق أولها الإحساس بالفشل من مشروع الزواج وإنهيار الآمال المعقودة عليه، ثم يأتي بعد ذلك الشعور بنوع من عدم التصديق لماذا حدث ذلك؟ ولماذا؟ هل كل شيء إنتهي فعلاً؟ هل هناك إحتمال لإصلاح الأمر؟ تلك الحالة بين التجاذب الوجداني والتردد مابين حسم الإنفصال و بين إحتمالات العودة عنه، وقد يلي تلك المرحلة مرحلة الإكتئاب والحزن علي النفس وعلي الحظ العثر بما يصاحبه بعض من مشاعر الذنب والإحساس بالخطأ لإنه لم يستطيع إنجاح العلاقة الزوجية، وقد يصاحب تلك الحالة بعض الاعراض الاضطرابية مثل قلق النوم، فقدان شهية الطعام، ضعف التركيز، سرعة الإنفعال والبكاء، العزلة الإجتماعية.
إلي أن تنتهي مرحلة الحزن وتبدأ مشاعر الغضب مثل الغضب من الآخرين فنهم لم يساندوه محملا إياهم سبب فشله، والغضب من نفسه، والغضب من طليقه الذي يراه أسوأ الناس، مما يفجر الرغبات في الإنتقام منه، ويكثر الحديث بالسوء عن طليقه محملاً إياه كل العيوب والنواقص.
ثم تتلو تلك المرحلة مرحلة الإحساس بالفراغ والملل والتي قد يرافقها عدم الإهتمام بالمستقبل، كما تختلف الحالة النفسية للمطلق علي حسب الظروف التي ادت إلي الطلاق.. فمثلاً المطلق الذي كان يعاني من حياة زوجية صعبة سوف يشعر بالإرتياح النفسي بعد الطلاق، أما في الحالات المعتادة فالطلاق لا يمر بدون حالة نفسية تتفاوت حدتها من شخص لآخر، فهل الطلاق حدث مفاجأةً ؟ هل تم الطلاق في ظروف مقبولة أم تم في حالة من العنف وإنعدام الأمن؟ هل تتوفر لدي المطلق حياة بديلة في العمل والحياة الإجتماعية والأسرة؟ ام إنه أصبح مكشوفاً بلا سند ؟ هل هناك مشاريع حياتية جديدة أم لا؟
كل هذه عوامل تحدد مدي إمكانية التعويض وإستعادة التوازن النفسي للمطلق.
مواضيع ذات صلة:
الاثار النفسية علي المطلق والمطلقة:
الطلاق هو خبرمؤلم علي نفسية المرأة والرجل ايضاً، فكل منهما يعيش في حالة من الصراع النفسي خاصة عند استحضار ذكريات الحياة الزوجية، ولا نستطيع أن نجزم ان تأثير الطلاق علي المرأة اقوي من علي الرجل بل يختلف ياختلاف الظروف والمكان والزمان، ويمكن القول أن المطلقة تعاني أكثر من المطلق التي تحتوي علي حالة من الاضطراب النفسي والتوتر العقلي، وما يزيد من ذلك هو وجود الأطفال فتحس بالغربة والاكتئابن ويفوق معدل محاولات الانتحار عند المطلقات بفرق مرتين ونصف عن المطلقين، كما يعاني الرجل بعدم القدرة علي التكيف اجتماعياً بعد الطلاق كما يواجه صعوبات عندما يبدأ في خوض تجربة زواج جديدة، والنساء لديها القدرة علي تحمل صدمة الطلاق أكثر من الرجال فهي تستطيع التأقلم مع حياتها الجديدة بعد الطلاق، اما الرجال فإنهم يميلون إلي كبت أحزانهم وعدم الإفصاح عنها لأحد كما تفعل معظم النساء لذلك يتعرض الرجل لكثير من الأمراض الجسدية والنفسية أيضاً.
تأثير الطلاق علي نفسية الأبناء:
الأبناء هم أكثر الأطراف تأثيراً بمسألة الطلاق، لان كل الأبناء سواء هم ذكور أم بنات فهم يحتاجون للعيش مع الأب والأم معاً، وصدمة الطلاق ومحاولة التكيف علي الوضع الجديد ليس بالأمر الساهل علي الطفل فهو يواجه الكثير من الصعوبات خاصة في السنة الأولي من الطلاق، ومن أهم هذه الصعوبات:
- استمرارية الخلافات بين الوالدين بعد الطلاق: فالكثير من المطلقين لا تنتهي خلافتهم بعد الطلاق بل تستمر ولا يتعاونون علي طرق رعاية الأطفال مما يؤدي إلي سوء توافق الطفل النفسي والاجتماعي.
- عدم تعامل الطفل مع والديه بحرية بعد الطلاق: خاصة إذا كانت حضانة الطفل مع والدته، فتتأثرقدرة الأم علي توفير احتياجات طفلها بعد الطلاق يؤثر علي حالته النفسية كإحساسه بالنقص، وعدم الشعور بالإرتياح، عدم ثقته بنفسه.
- التأقلم مع الحياة الجديدة بصعوبة: فإنتقال الطفل للعيش مع الأب او الأم فهو يترك بيئته التي تربي فيها وينتقل إلي مدرسة جديدة ويترك أصدقائه بالحي والمدرسة، ويواجه الطفل صعوبات في التأقلم مع الحياة الجديدة وتكوين صداقات جديدة.