في المجتمعات الغربية المتقدمة لا تنظر إلي الطفل المعاق كوصمة عار، بل تنظر إليه كفرد يحتاج إلي المزيد من العناية والإهتمام والحب، حتي يمكن مساعدته في التكيف مع الحياة في حدود إمكانياته وطاقاته وينال قسطه من التعليم في الحدود التي ترسمها قدراته.
الأسباب المختلفة لإصابة الطفل بالإعاقة العقلية
تعريف الطفل المعاق عقلياً:
الطفل المعاق عقلياً هوذلك الطفل الذي لايستطيع الإعتماد علي نفسه في مزاولة أي نشاط، بسبب توقف العقل عن النمو لأسباب وراثية وبيئية مما يؤثر علي سلوكه بالسلب، وقد عملت منظمة الصحة العالمية علي التخلص من المعاني المرتبطة بتصنيف المتخلف عقلياً سابقاً إلي: الأبله، الغبي، المعتوه، وحلت تسميات آخري بديلة عنها مثل تخلف عقلي بسيط، تخلف عقلي متوسط، تخلف عقلي شديد.
المراحل التي مرت بها المجتمعات الإنسانية في معاملة المعاقيين:
يعد التخلف العقلي من الاضطرابات المعروفة منذ قديم الزمن، كان المجتمع الإنساني قديماً يتعامل مع المعاقيين عقلياً بمنتهي القسوة حيث كانوا يتخلصون من الأطفال المعاقين لكي يتمكنوا من الخلاص من الأرواح الشريرة علي حسب معتقداتهم ظناً منهم إنها تسكن أجسادهم، كما فعلت الإمبراطورية الرومانية في التخلص منهم بإخراجهم خارج حدود الدولة، إلي أن جاءت مرحلة جديدة في طرق معاملة المعاقين بتركهم وإهمالهم دون اللجوء إلي التخلص منهم أو بالقتل، إلي أن ظهرت الديانات السماوية التي تنادي بالرحمة بالضعفاء والعناية بهم وبالفئات الضعيفة أو الأقل حظاً في المجتمع، حيث بدأ في هذه المرحلة الإهتمام قليلاً بهم بتقديم الطعام والشراب والملبس، وتوفير ملجأ لإيوائهم.
رد فعل بعض الأسر نحو إستقبال طفل معاق ذهنياً:
من البديهي أن نجد كل أب وأم وكل أفراد الأسرة تنتظر بلهفة وشوق لقدوم الطفل الجديد، ويتمنون أن يتصف ذلك الطفل بالصحة الجيدة والذكاء، وتكون الصدمة أن يولد الطفل معاق ذهنياً، وتتلخص مظاهر تأثير الصدمة علي الوالدين في الرفض والإنطواء والإنكار والإكتئاب والرفض في إنجاب مرة آخري خوفاً من تكرار الصدمة، وتعيش الكثير من الأمهات في حالة من الحزن بسبب العاناة التي تعيشها مع طفلها المعاق في كل مرحلةمن مراحل نموه التي يمر بها الطفل من المشي والجلوس والكلام والنظافة، ويمكن ان نوجز ردود أفعال الأسرة تجاه طفلهم المعاق:
1- الرفض من قبل الأبوين:
كثيراً ما ترفض بعض الأسر الطفل المعاق وتتهرب من مسؤوليته، كما يتبادل الزوجان التهم حول السبب في وجود هذا الطفل، مما يزيد من تعاسة الأسرة والزوجين وقد يصل الأمرإلي الطلاق والإنفصال حيث أثبتت الدراسات أن نسبة الطلاق بين الزوجين التي يوجد بها أطفال معاقين اعلي من نسبة الأسرة التي لديها أطفال طبيعين.
2- الإهمال:
حيث نجد بعض الأسر التي لديها طفل معاق يهملونه لدرجة كبيرة فلا يهتمون بتغذيته ولا بنظافته ولا بصحته، بل يحاولون التهرب منه، وإبعاده عن أنشطة الأسرة، أوإيداعه في مصحة داخلية للمعاقين مما يزيد من إعاقة الطفل.
3- الرعاية الزائدة بالطفل المعاق:
وعلي العكس من ذلك هناك بعض الأسر التي تهتم بطفلها المعاق إهتماماً زائداً...مما يعيق تعليمه ونشأته، ويرجع الإهتمام الزائد من الوالدين إلي سبب الشعور بالذنب حيث يظن أحد الوالدين إنه السبب في إعاقة طفله.
ويمكن القول أن إتجاهات الأسرة تغيرت كثيراً في الآونة الأخيرة نحو طفلها المعاق بسبب تقبل المجتمعات له وتوفر الكثير من الخدمات التي تعمل علي تقديم الرعاية الصحية و أساليب متنوعة للتعليم.
نسبة إنتشار الإعاقة الذهنية:
تعتبر فئة ذووي الإعاقة الذهنية من أكثر الفئات المهمشة في العالم، واكدت تقارير منظمة الصحة العالمية علي وجود حوالي أكثر من مليار شخص مصاب بالإعاقة الذهنية في العالم، كما أشارت إلي إنتشار مرض الإعاقة الذهنية بنسبة تفوق مرض الشلل الدماغي.
ماهي أسباب الإعاقة العقلية؟
أثبتت الدراسات العلمية أن أغلبية الإعاقة الذهنية تنحصر في الإعاقة البسيطة، لكن الأسباب التي أدت إلي تلك الإعاقة البسيطة لم تحدد بعد، لكن يمكن إرجاعها إلي العوامل الوراثية، ومنها:
أولا: الأسباب التي تؤثر علي الطفل قبل عملية الولادة:
وهي الأسباب التي تؤدي إلي إصابة الطفل بالإعاقة قبل عملية الولادة، وقد تكون بسبب العوامل الوراثية، أو عوامل بيئية، وتتلخص تلك العوامل في:
1- الحالة المنغولية:
ويرجع تسمية تلك الحالة بسبب ان الطفل المعاق ذهنياً يتصف بسمات بيولوجية وجسمية متشابهة إلي حداً كبير بالشعب المغولي من حيث حجم الرأس وضيق العيون، كما تقدر نسبة المنغولين حوالي 1-10 من بين حالات المعاقين ذهنياً، كما يختلف مستواهم العقلي مابين الإعاقة العقلية البسيطة والإعاقة العقلية المتوسطة، وأبسطها الإعاقة العقلية البسيطة وهي الشريحة التي يمكن تحقيق الإستقلالية بالنسبة للمعاقيين ذهنياً وذلك من خلال التدريب والرعاية والتأهيل المهني، بحيث تكون قادرة علي التكيف الإجتماعي بدرجة جيدة، وتكون تلك الحالة نتيجة إلي اضطراب في الجينات.
2- الإعاقة العقلية الناتجة من التمثيل الغذائي:
حيث يحدث اضطراب في الإنزيمات والذي يؤثر بدوره علي عملية الإيض، مثل الاضطراب البيوكيميائي الذي يظهر في بول الطفل بسبب عدم تأكسد حامض الفينللين (وهوحامض أميني) حيث لا يهضم ولا يحدث له تمثيل غذائي صحيح، إلي أن يبدأ في التراكم بدم الطفل وتزداد نسبته إلي أن يؤدي إلي تلف في الخلايا العصبية بالمخ ويسبب الإعاقة.
3- الإصابة بالحمي الألمانية:
من المعروف مدي خطورة الحمي الالمانية علي الأم الحامل، وخاصة في الشهور الأولي من الحمل لأن في تلك المرحلة يبدأ تكوين حواس الجنين، وعند إصابة الأم الحامل بالحمي الألمانية يصاب الطفل بميكروب يؤثر علي الحواس السمعية والبصرية وعلي القلب والدماغ، لذلك عندما يتقن الأطباء بإصابة الأم الحامل بالحمي الألمانية ينصحوها بإجراء عملية الإجهاض.
مواضيع ذات صلة:
4- التسمم الغذائي:
ويحدث للطفل نتيجة إدمان الأم للمواد المخدرة والكحوليات والتدخين بشراهة، مما يسبب للطفل الإعاقة العقلية، كما ان تناول الأم للادوية دون إستشارة الطبيب تؤدي إلي الإعاقة الذهنية للطفل بسبب المواد الكيميائية التي قد تحتوي علي عناصر سامة والتي تؤدي إلي التخلف العقلي.
5- الأمراض المعدية:
مثل الحمي الصفراء التي تصاب بها الأم الحامل والتي يؤثر بدورها علي دماغ الطفل.
6- الأمراض التناسلية الخطيرة:
من الأمراض التناسلية الخطيرة التي تصيب بها الأم الحامل هو مرض الزهري الذي بدوره يؤثر علي القدرة العقلية للجنين وإصابته بالإعاقة.
ثانياً: الأسباب التي تؤثر علي الجنين أثناء الولادة:
1- قصر فترة الحمل:
قصر فترة الحمل او طولها يسبب الإعاقة العقلية للطفل، فقصر فترة الحمل ينتج عنه مولود غير مكتمل النمو، ووزنه أقل من 5 كيلو، مما يؤدي إلي الإعاقة العقلية، أما في حالة زيادة فترة الحمل التي يتعرض فيها الجنين إلي نقص في التغذية تؤدي أيضاً إلي الإعاقة العقلية.
2- الإصابة باإلتهاب السحايا:
من العوامل الرئيسية بغصابة الطفل بالإعاقة والتي قد تسبب في وفاة الجنين قبل الولادة.
3- الكدمات الجسدية:
ويقصد بها الكدمات التي قد يصاب بها الطفل عند الولادة خاصة عندما يكون حجم دماغ الجنين كبير عن عنق رحم الأم ويلجأ الطبيب إلي الولادة القيصرية، أو بسبب طول عملية الولادة.
ثالثاً: الأسباب التي تؤثر للجنين بعد عملية الولادة:
وتتلخص أهم اسباب إصابة الطفل بالإعاقة بعد الولادة في إهمال الوالدين بالعناية بالطفل وخاصة إعطاء التطعيمات اللازمة لوقايته من الأمراض الخطيرة، ومن تلك الأمراض:
1- الكساح - شلل الأطفال - الحصبة - إلتهاب السحايا - الشلل الدماغي - اليرقان - الدفتيريا.
2- الحوادث والأصابات:
إصابة الطفل بالحوادث الخطيرة والتي تؤدي بإصابته بالإعاقة بسبب إهمال الوالدين في رعاية الطفل وتوجيه وإرشاده بكيفية تجنب المواقف التي تؤدي إلي إصابته ومنها:
ا- حوادث الطرق المختلفة.
ب- الحروق.
ج- التعرض للصعق بالكهرباء.
د- الأدوية الخاطئة.
ه- سقوط الطفل علي أماكن خطرة.
و- إستعمال العنف في تهذيب الطفل.
أهم المراجع:
سيكولوجية الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة، مصطفي القمش، خليل المعايطة، دار المسيرة للنشر والطباعة، عمان.