يعتبر سوء التوافق الزواجي هو مرآه تعكس مدي تصدع الحياة الزوجية بما فيها من مشاكل يومية والتعاسة التي يعيش فيها الزوجان رغم استمرار الحياة الزوجية.
عوامل سوء التوافق الزواجي: وآثاره علي استقرار الحياة الزوجية
ما معني سوء التوافق الزواجي:
سوء التوافق الزواجي هو عدم اتفاق الزوجين في الموضوعات الحيوية المتعلقة بحياتهم الزوجية، أو عدم مشاركة كل منهما للآخر في المسؤوليات الزوجية بما يتضمنه أسلوب تربية الأطفال وتقسيم أدوار كل منهم وتحديد دور كل فرد، والزو أو الزوجة التي تتسم بالنضج الإنفعالي لا تيأس بسرعة أمام مشاكل الحياة الزوجية بل تحاول جاهدةً للتغلب عليها مما يحقق التوافق الزواجي، اما الزوج الغير ناضج نجده يتهرب من مسؤوليات البيت ويسلوك سلوكيات غير مناسبة في مواجهة الصعوبات مما يجعل حياته الزواجية غير متوافقة ومضطربة.
عوامل سوء التوافق الزواجي:
هناك عدة عوامل التي تهدد العلاقة الزوجية وتشير إلي سوء التوافق الزواجي، ويمكن تقسيم تلك العوامل إلي عاملين رئيسين وهما: مرحلة ماقبل الزواج، ومرحلة مابعد الزواج:
أولا: مرحلة ماقبل الزواج:
وهي العوامل التي تتشكل في مرحلة الطفولة التي تبني شخصية الطفل وتوافقه الإجتماعي والنفسي والذي يمتد لباقي المراحل العمرية، نذكر منها:
- خبرات الطفولة: والتي تتمثل في الجو الأسري الذي عاش فيه الطفل ويتأثر بعلاقة والديه ومدي التفاهم بينهم أو مدي سوء الفهم بينهم ورد فعل كل منهم علي الآخر، كل هذا ينعكس لاشعورياً علي الطفل وفكرته عن الزواج والأسرة، وعلي الرغم من عدم إفصاح الطفل عنها إلا إنها تظهر في ردود أفعاله في المواقف الحياتية المختلفة وخاصة بعد الزواج، فإن سوء التوافق الزواجي هو متوارث ينتقل من جيل لآخر فالعلاقة بين الوالدين التي يسودها الحب والتفاهم والتي عاشها الطفل ويميل إلي تكررها مستقبلا مع شريكة حياته والعكس صحيح.
- الجو الأسري: الشخص يتوافق في حياته الزواجية إذا عاش بين والدين متوافقان، لأن علاقة الحب والدفء في المنزل يميل الشخص أن يكررها في حياته الزوجية.
- سوء إختيار الزوج أو الزوجة: التسرع في إختيار الزوج أو إختيار الزوجة بناء علي العاطفة والمشاعر يكون نتيجته سوء التوافق الزواجي.
- إعتماد الزوج علي أهله: الزوج المرتبط بأهله ويعتمد عليهم في أدق تفاصيل حياته فإنه يشبه الطفل فهو ينتظر أن تكون زوجته مثل أمه أي يعتمد عليها في كل أمور حياته، وهذا شيئ غير طبيعي لأن دور الأم غير دور الزوجة، فالزواج تفاعل ومسؤولية الزوج والزوجة، وبالطبع أي زوجة سوف ترفض مثل ذلك الوضع وتبدأ الخلافات والاضطرابات بين الزوجين وأخيراً تؤدي إلي سوء التوافق الزواجي.
- عدم النضج الإنفعالي لأحد الزوجين: من أكثر المشاكل التي تؤدي إلي سوء التوافق الزواجي هو اختلاف الزوجين الإنفعالي عند مواجهة أي من مشاكل الحياة وعدم التكيف مع متطلبات الحياة الجديدة مما يؤدي إلي سوء التوافق الزواجي، ويتمثل النضج الإنفعالي في: التهرب من المسؤولية، التمركز حول الذات، عدم السيطرة علي الغضب.
وتعتبر تلك المرحلة هي الإمتداد للمرحلة السابقة ماقبل الزواج، وتتمثل تلك العوامل في:
- السن عند الزواج: قد يرتبط توافق أو سوء التوافق الزواجي بالسن، فالزواج المبكر أي في عمر غير مؤهل لتحمل مسؤولية الزواج ورعاية أسرة قد يسبب الكثير من الخلافات بين الزوجين نظراً لعدم نضجهم الكافي لتحمل تلك المسؤولية، أما الزواج المتأخر ففيه تختلف توقعات الأدوار بين الزوجين وعدم القدرة علي التغيير ومن المتوقع حدوث الطلاق، كما أن فارق السن الكبير بين الزوجين يسبب الكثير من الخلافات وسوء التوافق بين الزوجين، كذلك يؤثر علي العلاقة الجنسية بينهم حيث يكون الزوج في مرحلة الشيخوخة والزوجة في مرحلة الشباب مما يهدد العلاقة الزوجية.
- عدم التواصل الجيد بين الزوجين: التواصل هو التفاهم والمناقشة الهادفة والهادئة بين الزوجين والتي يستطيع كل منهم في التعبير عن مشاعره وأفكاره بحرية، فإذا كان التواصل بين الزوجين جيد فإنه يؤدي إلي التوافق الزوجي والعكس صحيح.
- إختلاف المستوي الإجتماعي للزوجين: مما لا شك فيه أن كلا من الزوجين ينتمي إلي أسرة مختلفة عن الآخر في نواحي عدة مثل المستوي الثقافي والعادات والتقاليد والقيم والمبادئ لكل أسرة، وكلما كان هناك تقارب في المستوي الثقافي والإجتماعي لأسرة الزوجين كلما زاد التوافق الزواجي بينهم، وكلما زاد الفارق في المستوي الثقافي والإجتماعي والطبقي لأسر الزوجين كلما زاد الخلافات بين الزوجين.
- تدخل الأهل في شؤون الزوجين: إنه الطرف الثالث الذي يتدخل في شؤون الزوجين بحكم التقاليد الإجتماعية في مجتمعنا الشرقي والتي نجدها في بعض العائلات التي تعطي صلاحيات كبيرة في إتخاذ القرارات الهامة التي تخض الزوجين للأسرة الممتدة، ويبدو ذلك واضح في إختيار الزوجة او الزوجة، والتدخل في تربية الأطفال وخصوصية العلاقة الزوجية، وقد يصل الأمر إلي قرار إنهاء العلاقة الزوجية أو الإستمرار فيها، والتدخل في مسألة فرض السيطرة وكيفية التعامل مع الطرف الآخر كإنهم مقبلين علي حرب لا علي علاقة زوجية أساسها المودة والرحمة.
- العلاقة الجنسية: تعتبر العلاقة الجنسية الناجحة هي أحد عوامل التوافق الزواجي فهي تعتبر إنسجام جسدي وروحي وعاطفي بين الزوجين وهو ليس مجرد تلاقي للحصول علي المتعة، وإذا اضطربت تلك العلاقة ادت إلي سوء التوافق الزواجي ويؤثر بالسلب علي العلاقات الزواجية، ونقصد هنا بسوء التوافق الجنسي هو الشعور بالإحباط بسبب عدم الشعور بالإشباع الجنسي مع الآخر، وقد يكون هناك أسباب عدة لعدم التوافق الجنسي بين الزوجين منها المعلومات المغلوطة عن الجنس، عدم المعرفة بوظائف الأعضاء التناسلية، الخوف من الفشل الجنسي للرجال والذي يؤدي إلي ضعف الإنتصاب أو سرعة القذف بسبب الضغط النفسي.
![]() |
عوامل سوء التوافق الزواجي: وآثاره علي استقرار الحياة الزوجية |
الآثار الناتجة من سوء التوافق الزواجي:
من أهم الآثار المترتبة عن سوء التوافق بين الزوجين:
- تعرض الزوجين لمزيج من مشاعر الخوف والقلق وبعض الاضطرابات النفسية الآخري والتي تؤثر علي أدائهم اليومي في كافة مجالات الحياة.
- اهتزاز صورة الزوجين وأطفالهم أمام أسرتهم بالسلب، خاصة اذا كانت مشاكلهم علي مرأي ومسمع الجميع، وتؤثر علي مكانتهم الاجتماعية أيضاً.
- تعرض الأبناء للإصابة بالاضطرابات النفسية بسبب الخلافات والمشاحنات الدائمة بين الوالدين، كما يؤثر علي تحصيلهم الدراسي والذي من الممكن أن يتجه الأبناء للإنحراف وطريق إدمان المخدرات.
- إذا اضطر الزوجان الاستمرار في الحياة الزوجية واستبعاد مسألة الطلاق، سوف ينشأ الأولاد علي تلك المشاحنات ويعتاد عليها بل يعتبرونه نموذج يحتذي به عند الزواج في المستقبل.
مراحل الزواج المختلفة، وبعض مشاكله الشائعة.
كيف يمكن تحقيق التوافق الزواجي:
ان سوء التوافق الزواجي قد يوحي لبعض بإنه الفشل في الزواج الذي نشأ بسبب وجود الخلافات الزواجية، لكن في الحقيقة أن صعوبة استمرار الحياة الزواجية بسبب وجود مشاكل قديمة وتراكمت مع الزمن علي الرغم من أن بعضها يعتبر مشاكل عادية، ولتخفيف حدة الخلافات بين الزوجين يجب أن:
- أن يتحمل كل طرف المسؤولية فيما يتعلق بسلوكه الخاطئ تجاه الطرف الآخر وأن لايتمادي في غضبه وإلقاء اللوم والنقد علي الآخر ويبرئ نفسه.
- إتخاذ القرار والتعامل مع المشكلة يكون صادر عن قناعة من الطرفين أي لايتفرد طرف برأيه ويأخذ القرار بنفسه دون موافقة الطراف الآخر ومناقشته.
- تحديد أسباب الخلافات لحلها دون التطرق لموضوع آخر.
- إحترام كل طرف للآخر حتي يسود الهدوء بينهم وبالتالي التفاهم.
- من النقاط الهامة هو السيطرة علي الانفعالات فالعصبية نتائجها غير حميدة والتي قد تصل إلي الطلاق وتدمير حياة الزوجين.
- أن يتحلي الزوجين بالمرونة لحل المشاكل بينهم مهما كانت حدة هذه المشاكل وخطورتها، والبعد عن تصلب الرأي وإتاحة الفرصة كل فرد في التعبير عن مشاعره وأفكاره بكل حرية وفي حدود الإحترام.